ما أصعب لحظات الشوق وما أقسي لحظات البعد وانتظار الحبيب، ما أصعب أن تحتاج لنبضة شوق وهمسة عشق فتتلفت تبحث عن الحبيب فلا تجده، ما أقسي أن تناديه فلا يجيبك وما أشقي أن تطلبه فلا يستجيب آآآآه ما أقساها لحظات تمر علينا
الحب شوق واشتياق وعذاب وسهر ليال، ولكن ما أحلي عذابه وما أجمل سهره، ان كل ألم السهر وعذاب الشوق يتبدد في لحظة حين يشعر الحبيب بأنفاس حبيبه تناجيه، ولو من علي بعد، فدائما بين المحبين تواصل وإن طالت بينهم المسافات واختلفت المدن والشوارع وتزاحمت الطرقات، دائما تتلاقي أرواحهم رغما عن كل شيء وأي شيء.
هكذا دائما يكون الحب وهكذا عرفناه اشتياقاً وهياماً... بعد ولقاء... سهر واشتياق... ولكن!! وما أقسي لكن حين يشعر الحبيب بالشوق والحنين، حين يحتاج الي همسات حبيبه، حين يحتاج الي أن يشعر بوجوده فيدور يبحث عنه، يفتش عنه في كل أرجاء المكان، يهمس يناجي فلا مجيب لهمساته ولا مستجيب لنجواه، فيهتف باسمه طالبا دفئه وحماه فلا يجده، عندها تكون الفجيعة عندها تكون الصدمة الكبري، وقتها ووقتها فقط يعرف الحبيب كم هو وحيد في عالم قاس شاق، لا يلين ولا يرق لهمس الشوق والحنان، وقتها يعرف كم هو يحيي ولا يحيي يتنفس ولا يشعر.
وقتها يتمني لو يتوقف به العمر عند آخر لحظة جميلة كانت تجمعه مع حبيبه في شوق وحنان لتعود الي جسده الروح وليعود للقلب نبض الحياة، فما الحياة بدون الحبيب وما فائدة القلب إن لم ينبض بالحب والشوق للحبيب، وما فائدة الدنيا إن لم تر عيناه عيون الحبيب ليهيما معا في عالم وردي سعيد، لا تراه سوي مقلتيهما ولا تحياه غير روحهما فهما بالحب ولدا، وللحب قد وهبا أرواحهما لتشدوا في سماء العشق أناشيد الشوق والهيام.
إن الحب الحقيقي لينتصر دائما علي آلام البعاد والفراق ويتخطي عذابات البعد والمسافات، الحب نبض واحد ينبض بقلبين قد تعاهدا يوما علي الحب تعاهدا علي الوفاء والدفء والأخلاص، قلبان تلاقا دون موعد تعرفا دون إذن أو استئذان. روحان هاما في العشق قبل أن يتلاقيا ودون أن يشعرا أنهما يعشقان، حتي اذا كان اللقاء وتلاقت الأعين علي موعد لم يحدداه وإنما شاءت الأقدار لهما ذلك فكان اللقاء.. ساعتها يشعر الحبيبان انهما يعرفان بعضاً من قبل هذا اللقاء وأنهما تلاقيا قبل هذا بزمان، وأنهما تعاهدا علي الحب والعشق من قديم الأزمان.
ان الشوق الى الحيبب دائما يأخذنا الي عالم وردي، يرسم فيه الحبيب لحبيبه أحلى الأماني، يتمني أن يلقاه في كل وقت فالدقيقة في البعاد بين الحبيبن تمر دهرا وسنين. إن الاشتياق الي لقاء الحبيب دائما ما يشعل في القلوب اللهفة والحنين، يجدد الحب في القلوب ويحيي الشوق في النفوس، حتي اذا كان اللقاء تصافت الأرواح وتعارفت وتجاذبت الحوار وهمس كل حبيب لحبيبه بشوقه وهيامه واشتياقه.
فتسعد النفوس وتهنأ القلوب ويشمل العشق والحب كل الارجاء. فالشوق والاشتياق هما سمة الحب وهما نبضه الدافيء الحنون الذي يشعر المحبين بحبهم ويأكده. أن الشوق والاشتياق الي الحبيب لا ينقص يوما بل يزيد حتي اذا تجاور الحبيبان وتهامسا أحسا بأن الشوق يملأهما أكثر، والاشتياق يزداد ويزداد وتتهافت القلوب وتنبض المشاعر، فيهيمان في دنيا العشق والوله دون أن يشغلهما وجود أو يحدهما زمان فلقد تلاقت الارواح وتعانقت القلوب وتشابكت النفوس وتهامست العيون فكان هذا اللقاء.